Skip to main content
من خلال التجربة التاريخية نرى أن حالة اشتداد ظاهرة التدين في مجتمع ما تعبر عن عسر مواجهة هذا المجتمع لتحولات عظيمة يجد أنه لا مفر منها، لكنها في نفس الوقت مؤلمة وتهدد الاستقرار الذي عاش عليه لعهود طويلة. فأما الطبقات والفئات الاجتماعية التي مازالت تحافظ بهذا الشكل أو ذاك على مصالح في الوضع القديم فانها تحاول ما أمكن أقلمة الدين ليستوعب تلك التحولات في نفس اطار النظام الاجتماعي السائد، اي اصلاح الدين كتعبير عن اصلاح النظام. وأما الطبقات والشرائح التي تجد أن وضعها ميؤوس منه ولا أمل لها في التحرر ضمن الأوضاع القائمة، فانه اما أن تأخذ ردة فعلها طابعا ثوريا وتتخلص شيئا فشيئا من الأوهام الدينية أو تحويل الدين الى مجرد طقوس اجتماعية شكلية، واما أن تكون ردة فعلها من خلال استعادة ظلال الماضي المؤسطرة في شكل عصور ذهبية غابرة وجب استعادتها، وردة الفعل الرجعية هذه لا تعبر عن حالة اجابية، اي أنها حالة انكفائية تتقلص شيئا فشيئا بتطور الحركة الثورية، وقد تستغلها الطبقات السائدة مؤقتا لبث الفوضى وافتعال الحروب والنزاعات الطائفية من أجل التعمية عن حقيقة الصراعات الاجتماعية وتحويل وجهتها

محمد مثلوثي، تونس 27 مايو 2016

Comments