Skip to main content

خاطرة


"واقفون في أحذيتنا" كأننا أشباح

ـ1 ـ 

مازال اللصوص  هنا بيننا "ينظمون عملية موتنا بالمجان"

ـ 2 ـ 

كل الأحداث أصبحت بصورة ما عابرة ومؤقتة ولا قيمة لها في وعيينا ولا ينتظرها منا غير النسيان 

كل شيء أصبح  قابلا للنسيان 

لقد تعودنا على النسيان

أقوالنا مواقفنا مبادئنا أحلامنا 

لقد صرنا نَمُرُّ على كل شيء مرور الكرام وكأننا لسنا هنا وكأن الأمور كلها لا تعنينا 

لقد صرنا نمر على مآسينا كما أنها لم تقع ...

نمر على مشاكلنا كأنها لم تعد ترافقنا أينما توجهنا

نمر على الحاضر وكأنه ليس حاضرنا 

نمر على جراحنا ونشيح النظر عنها ونسد أنوفنا عن عفونتها التي ترافقنا وتنتشر أينما حللنا

نمر حتى على موتنا ونتناسى 

لقد صرنا ننسى ولا نبالي 

لقد صرنا نتوهم أننا هنا والآن ونحيا 

كم صرنا نَدَعُ الأمور للمجهول 

كم صرنا نستوطن المجهول والعجز واللامبالاة فينا

لقد صار كل شيء فينا لا يشبه سوى الموت والعدم 

كل شيء من حولنا يتحرك يتململ يكسر القشرة 

الطبيعة تتغير فصولُها السماء تُمْطِرُ الأرض تُغَيِّرُ  قِشْرَتَها الأشجارُ تُثْمِرُ الطيور تُهاجِرُ الرياح تَهِبُّ الشمس تُشْرِقُ النمل لا يَكِفُّ عن السعي النحل مستمر في بناء خلاياه الحيوانات تتناسل الكل من حولنا في حركته المعتادة يكافح ليعيش ويستمر نحن فقط متوقفون عن الحياة ومستسلمون "واقفون في أحذيتنا" البالية كأننا أشباح 

العدم فينا وليس في ما حولنا 

يا لأوهامنا كم صارت كبيرة قاتلة 

يا لهذا العالم الميت الذي صنعناه ووضعنا أنفسنا فيه حتى صرنا بلا ماض ولا حاضر لا مستقبل ولا هوية مجرد كتل من اللحم وليمة لديدان الأرض الآن وبعد الموت.

ـــــــــــــــــــــــ

بشير الحامدي

تونس 20 أكتوبر 2021

Comments